فاروق جويدة شاعر مصري ولد 10 فبراير 1946 في محافظة كفر الشيخ, وعاش طفولته في محافظة البحيرة, تخرج من كلية الآداب قسم الصحافة عام 1968 وبدأ حياته العملية محررا بالقسم الاقتصادي بجريدة الأهرام ثم سكرتيرا لتحرير الأهرام وهو حاليا رئيس القسم الثقافي بالأهرام
لأني أحبك
تعالي أحبك قبل الرحيل
فما عاد في العمر غير القليل
أتينا الحياة بحلم بريء
فعربد فينا زمان بخيل
* * *
حلمن بأرض تلم الحيارى
وتؤوي الطيور و تسقي النخيل
رأينا الربيع بقايا رماد
ولاحت لنا الشمس ذكرى أصيل
حلما بنهر عشقناه خمرا
رأيناه يوما دماء تسيل
فإن أجدب العمر في راحتيا
فحبك عندي ظلال.. ونيل
وما زلت كالسيف في كبريائي
يكبل حلمي عرين ذليل
ما زلت أعرف أين الأماني
وإن كان درب الأماني طويل
* * *
تعالي ففي العمر حلم عنيد
ما زلت أحلم بالمستحيل
تعالي فما زال في الصبح ضوء
وفي الليل يضحك بدر جميل
أحبك والعمر حلم نقي
أحبك واليأس قيد ثقيل
وتبقين وحدك صبحا بعيني
إذا تاه دربي فأنت الدليل
إذا كنت قد عشت حلمي ضياعا
وبعثرت كالضوء عمري القليل
فإني خلقت بحلم كبير..
وهل بالدموع سنروي الغليل؟
وماذا تبقى على مقلتينا؟
شحوب الليالي وضوء هزيل؟
تعالي لنوقد في الليل نارا
ونصرخ في الصمت في المستحيل
تعالي لننسج حلما جديدا
نسميه للناس حلم الرحيل
مالذي قد مات فينا..
عيناك أرض لا تخون
مضيت أبحث عن عيونك
خلف قضبان الحياة
وتعربد الأحزان في صدري
ضياعا لست أعرف منتهاه
وتذوب في ليل العواصف مهجتي
ويظل ما عندي سجينا في الشفاه
والأرض تخنق صوت أقدامي
فيصرخ جرحها تحت الرمال
وجدائل الأحلام تزحف خلف موج الليل
بحارا تصارعه الجبال
والشوق لؤلؤة تعانق صمت أيامي
ويسقط ضؤها خلف الظلال
عيناك بحر النور يحملني إلى
زمن نقي القلب.. مجنون الخيال
عيناك إبحار وعودة غائب
عيناك توبة عابد
وقفت تصارع وحدها شبح الظلال
ما زال في قلبي سؤال..
كيف انتهت أحلامنا؟
ما زلت أبحث عن عيونك
علني ألقاك فيها بالجواب
ما زلت رغم اليأس أعرفها وتعرفني
وتحمل في جوانحنا عتاب
لو خانت الدنيا وخان الناس
وابتعد الأصحاب
عيناك أرض لا تخون
عيناك إيمان وشك حائر
عيناك نهر من جنون
عيناك أزمان وعمر
ليس مثل الناس شيئا من سراب
عيناك آلهة وعشاق وصبر واغتراب
عيناك بيتي
عندما ضاقت بنا الدنيا وضاق بنا العذاب
* * *
ما زلت أبحث عن عيونك بيننا أمل وليد
أنا شاطئ ألقت عليه جراحها
أنا زورق الحلم البعيد
أنا ليلة حار الزمان بسحرها
عمر الحياة يقاس بالزمن السعيد
ولتسألي عينيك أين بريقها؟
ستقول في ألم توارى.. صار شيئا من جليد
وأظل أبحث عن عيونك خلف قضبان الحياة
ويظل في قلبي سؤال حائر
إن ثار في غضب تحاصره الشفاه
كيف انتهت أحلامنا؟
قد تخنق الأقدار يوما حبنا
وتفرق الأيام قهرا شملنا
أو تعزف الأحزان لحنا
من بقايا.. جرحنا
ويمر عام.. ربما عامان
أزمان تسد طريقنا
ويظل في عينيك موطننا القديم
نلقي عليه متاعب الأسفار في زمن عقيم
عيناك موطننا القديم وإن غدت أيامنا
ليلا يطارد في ضياء
سيظل في عينيك شيء من رجاء
أن يرجع الإنسان إنسانا
يغطي العرى يغسل نفسه يوما ويرجع للنقاء
عيناك موطننا القديم
وإن غدونا كالضياع بلا وطن
فيها عشقت العمر أحزانا وأفراحا
ضياعا أو سكن
عيناك في شعري خلود
يعبر الآفاق.. يعصف بالزمن
عيناك عندي بالزمان
وقد غدوت.. بلا زمن
في عينيك عنواني..
قالت: سوف تنساني
وتنسى أنني يوما
وهبتك نبض وجداني
وتعشق موجة أخرى
وتهجر دفء شطآني
وتجلس مثلما كنا
لتسمع بعض ألحاني
ولا تعنيك أحزاني
ويسقط كالمنى اسمي
وسوف يتوه عنواني
ترى.. ستقول يا عمري
بأنك كنت تهواني؟!
* * *
فقلت: هواك إيماني
ومغفرتي.. وعصياني
أتيتك والمنى عندي
بقايا بين أحضاني
ربيع مات طائره
على أنقاض بستان
رياح الحزن تعصرني
وتسخر بين وجداني
أحبك واحة هدأت
عليها كل أحزاني
أحبك نسمة تروي
لصمت الناس.. ألحاني
أحبك نشوة تسري
وتشعل نار بركاني
أحبك أنت يا أملا
كضوء الصبح يلقاني
أمات الحب عشاقا
وحبك أنت أحياني
ولو خيرت في وطن
لقلت هواك أوطاني
ولو أنساك يا عمري
حنايا القلب.. تنساني
إذا ما ضعت في درب
ففي عينيك.. عنواني
ويضيع العمر
يا رفيق الدرب تاه الدرب منا في الضباب
يا رفيق العمر ضاع العمر و انتحر الشباب
آه من أيامنا الحيرى توارت في التراب
آه من آمالنا الحمقى تلاشت كالسراب
* * *
يا رفيق الدرب ما أقسى الليالي.. عذبتنا
حطمت فينا الأماني.. مزقتنا
ويح أقداري لماذا جمعتنا؟!
ليتها في مطلع الأشواق كانت.. فرقتنا..
* * *
لا تسلني يا رفيقي
كيف تاه الدرب منا
نحن في الدنيا حيارى
إن رضينا.. أو أبينا
حبنا نحياه يوما..
و غدا نجهل أينا!!
* * *
لا تلمني إن جعلت العمر أوتارا تغني
أو أتيت الروض مثل النبع منساب التمني
فأنا بالشعر أحيا كي أغني
هل ترى في العمر شيئا غير أيام قليلة
تتوارى في الليالي مثل أزهار الخميلة؟
لا تكن كالزهر في الطرقات يلقيه البشر
مثلما تلق الليالي عمرنا بين الحفر
فكلانا يا رفيقي من هوايات القدر
* * *
يا رفيق الدرب تاه الدرب مني
رغم هذا سأغني
فأنا بالشعر أحيا كالغدير المطمئن
إنما الشعر حياة و خلود.. و تمني
لأن الشوق معصيتي
لا تذكري الأمس إني عشت أخفيه
إن يغفر القلب جرحى ... من يداويه
* * *
قلبي وعيناك والأيام بينهما
درب طويل تعبنا من مآسيه
* * *
إن يخفق القلب كيف العمر نرجعه
كل الذي مات فينا ... كيف نحييه
* * *
الشوق درب طويل عشت أسلكه
ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه
* * *
جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا
واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه
* * *
مازلت أعرف أن الشوق معصيتي
والعشق والله ذنب لست أخفيه
* * *
قلبي الذي لم يزل طفلا يعاتبني
كيف انقضى العيد ... وانفضت لياليه
* * *
يا فرحة لم تزل كالطيف تسكرني
كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه
* * *
حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا
عدنا إلى الحزن يدمينا ... وندميه
* * *
مازال ثوب المنى بالضوء يخدعني
قد يصبح الكهل طفلا في أمانيه
* * *
أشتاق فى الليل عطرا منك يبعثني
ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه
* * *
ولتسألي الليل هل نامت جوانحه
ما عاد يغفو ودمعي في مآقيه
* * *
يا فارس العشق هل فى الحب مغفرة
حطمت صرح الهوى والآن تبكيه
* * *
الحب كالعمر يسرى فى جوانحنا
حتى إذا ما مضى .. لاشيئ يبقيه
* * *
عاتبت قلبي كثيرا كيف تذكرها
وعمرك الغض بين اليأس تلقيه
* * *
فى كل يوم تعيد الأمس فى ملل
قد يبرأ الجرح ... والتذكار يحييه
* * *
إنْ ترجعى العمر هذا القلب أعرفه
مازال والله نبضا حائرا فيه
* * *
أشتاق ذنبي ففي عينيك مغفرتي
ياذنب عمري .. ويا أنقى لياليه
* * *
ماذا يفيد الأسى أدمنت معصيتي
لا الصفح يجدي .. ولا الغفران أبغيه
* * *
إنى أرى العمر في عينيك مغفرة
قد ضل قلبي فقولي ... كيف أهديه
بالرغم منا .. قد نضيع
قد قال لي يوما أبي
إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب
وغدوت تلعق من ثراها البؤس
في الليل الكئيب
قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب
إن صرت يا ولدي غريبًا في الزحام
أو صارت الدنيا امتهانًا .. في امتهان
أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان
إن ضاقت الدنيا عليك
فخذ همومك في يديك
واذهب إلى قبر الحسين
وهناك صلي ركعتين
( 2 )
كانت حياتي مثل كل العاشقين
والعمر أشواق يداعبها الحنين
كانت هموم أبي تذوب .. بركعتين
كل الذي يبغيه في الدنيا صلاة في الحسين
أو دعوة لله أن يرضى عليه
لكي يرى .. جد الحسين
قد كنت مثل أبي أصلي في المساء
وأظل أقرأ في كتاب الله ألتمس الرجاء
أو أقرأ الكتب القديمة
أشواق ليلى أو رياض .. أبي العلاء
( 3 )
وأتيت يومًا للمدينة كالغريب
ورنين صوت أبي يهز مسامعي
وسط الضباب وفي الزحاِم
يهزني في مضجعي
ومدينتي الحيرى ضباب في ضباب
أحشاؤها حبلى بطفل
غير معروف الهوية
أحزانها كرماد أنثى
ربما كانت ضحية
أنفاسها كالقيد يعصف بالسجين
طرقاتها .. سوداء كالليل الحزين
أشجارها صفراء والدم في شوارعها .. يسيل
كم من دماء الناس
ينزف دون جرح .. أو طبيب
لا شيء فيك مدينتي غير الزحام
أحياؤنا .. سكنوا المقابر
قبل أن يأتي الرحيل
هربوا إلى الموتى أرادوا الصمت .. في دنيا الكلام
... ما أثقل الدنيا
وكل الناس تحيا .. بالكلام
( 4 )
وهناك في درب المدينة ضاع مني .. كل شيء
أضواؤها .. الصفراء كالشبح .. المخيف
جثث من الأحياء نامت فوق أشلاء .. الرصيف
ماتوا يريدون الرغيف
شيخ ( عجوز ) يختفي خلف الضباب
ويدغدغ المسكين شيئًا .. من كلام
قد كان لي مجد وأيام .. عظام
قد كان لي عقل يفجر
في صخور الأرض أنهار الضياء
لم يبق في الدنيا حياء
قد قلت ما عندي فقالوا أنني
المجنون .. بين العقلاء
قالوا بأني قد عصيت الأنبياء
( 5 )
درب المدينة صارخ الألوان
فهنا يمين .. أو يسار قاني
والكل يجلس فوق جسم جريمة
هي نزعة الأخلاق .. في الإنسان
أبتاه .. أيامي هنا تمضي
مع الحزن العميق
.. وأعيش وحدي
قد فقدت القلب والنبض .. الرقيق
درب المدينة يا أبي درب عتيق
تتربع الأحزان في أرجائه
ويموت فيه الحب .. والأمل الغريق
( 6 )
ماذا ستفعل يا أبي
إن جئت يومًا دربنا
أترى ستحيا مثلنا ؟؟
ستموت يا أبتاه حزنًا .. بيننا
وستسمع الأصوات تصرخ .. يا أبي : يا ليتنا ..يا ليتنا .. يا ليتنا
وغدوت بين الدرب ألتمس الهروب
أين المفر؟
والعمر يسرع للغروب
( 7 )
أبتاه .. لا تحزن
فقد مضت السنين
ولم أصلِّ .. في الحسين
لو كنت يا أبتاه مثلي
لعرفت كيف يضيع منا كل شيء
بالرغم منا .. قد نضيع
بالرغم منا .. قد نضيع
من يمنح الغرباءَ دفئًا في الصقيع؟
من يجعل الغصن العقيم
يجيء يومًا .. بالربيع ؟
من ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟
( 8 )
أبتاه
بالأمس عدت إلى الحسين
صليت فيه الركعتين
بقيت همومي مثلما كانت
صارت همومي في المدينة
لا تذوب بركعتين
حبيبتي .. تغيرنا
تغير كل ما فينا..تغيرنا
تغير لون بشرتنا …
تساقط زهر روضتنا
تهاوى سحر ماضينا
تغير كل ما فينا…تغيرنا
*************
زمان كان يسعدنا …نراه الآن يشقينا
وحب عاش في دمنا …تسرب بين أيدينا
وشوق كان يحملنا …فتسكرت أمانينا
ولحن كان يبعثنا …إذا ماتت أغانينا تغيرنا
تغيرنا ….تغير كل ما فينا
*************
وأعجب من حكايتنا …تكسر نبضها فينا
كهوف الصمت تجمعنا …دروب الخوف تلقينا
وصرتِ حبيبتي طيفا لشيئ كان في صدري
قضينا العمر يفرحنا ….وعشنا العمر يبكينا
غدونا بعده موتى ..فمن يا قلب يحيينا ؟؟
وكان حلما
وتبكين حبا .. مضى عنك يوما
وسافر عنك لدنيا المحال ..
لقد كان حلما .. وهل فى الحياة ..
سوى الوهم - يا طفلتى - والخيال ؟
وما العمر بأطهر الناس إلا
سحابة صيف كثيف الظلال
وتبكين حبا .. طواه الخريف
وكل الذى بيننا .. للزوال ..
فمن قال فى العمر شىء يدوم
تذوب الأمانى ويبقى السؤال ..
لماذا أتيت إذا كان حلمى
غداً سوف يصبح .. بعض الرمال ..؟!
أحزان ليلة ممطرة
السقف ينزف فوق رأسي
والجدار يئن من هول المطر
وأنا غريق بين أحزاني تطاردني الشوارع للأزقة .. للحفر !
في الوجه أطياف من الماضي
وفي العينين نامت كل أشباح السهر
والثوب يفضحني وحول يدي قيد لست أذكر عمرهُ
لكنه كل العمر ..
لا شيء في بيتي سوى صمت الليالي
والأماني غائمات في البصر
وهناك في الركن البعيد لفافة
فيها دعاء من أبي
تعويذة من قلب أمي لم يباركها القدر
دعواتها كانت بطول العمر والزمن العنيد المنتصر
أنا ماحزنت على سنين العمر طال العمر عندي .. أم قصر
لكن أحزاني على الوطن الجريح
وصرخة الحلم البريء المنكسر
...
فالماء أغرق غرفتي
وأنا غريب في بلاد الله
أدمنت الشواطيء والمنافي والسفر
كم كنت أبني كل يوم ألف قصر
فوق أوراق الشجر ..
كم كنت أزرع ألف بستان
على وجه القمر ..
كم كنت ألقي فوق موج الريح أجنحتي
وأرحل في أغاريد السحر
منذ انشطرت على جدار الحزن
ضاع القلب مني .. وانشطر ..
ورأيت أشلائي دموعا في عيون الشمس
تسقط بين أحزان النهر
وغدوت أنهاراً من الكلمات
في صمت الليالي .. تنهمر
قد كنت في يوم بريء الوجه
زار الخوف قلبي فانتحر
وحدائقي الخضراء ما عادت تغني
مثلما كانت ...
وصوتي كان في يوم عنيدا وانكسر
****
ولدي من عمري
وذكرى الأمس بعض من صور
فلتنظري صوري فإن الأمس أحيانا
يكون عزاء يوم ... يحتضر
هل تسمحين
بأن ينام على جفونك لحظة
طفل يطارده الخطر..
هل تسمحين
لمن أضاع العمر أسفاراً
بأن يرتاح يوماً ..
بين أحضان الزهر ...
اني لأفزع كلما جاءت
خيول الليل نحوي ..
يحتويني الهم .. يخنقني الضجر
اعتدت أن تعوى كلاب الصيد
في قدمي ... تحاصرني .... وتعبث في عيوني
كلما الجلاد في سفه .. أمر
اني أخاف على ثيابك من ثيابي
كلما أرجوه بعض الأمن ..
.. عطراً ... دندنات من وتر
****
لا تخجلي إن كان عندك بعض أصحاب
وجئت بثوبي العاري ببابك انتظر
لكنه حزن الصقيع ...
ووحشة الغرباء في ليل المطر
فالناس حولي يهرعون
وفي ثيابي نهر ماء
في عيوني بحر دمع
بين أعماقي حجر ..
وأريد صدراً لا يساومني على عمري
ولا يأسى على ماض عبر
فالعري أعرفه
وأعرف أن مثلي
في زمان الرق مطلوب
وأن الحرص لن يجدي
ولن يغني الحذر ...
****
اني سأرحل عندما يأتي قطار قطار الليل
لا تبكي لأجلي....
لا تلومي الحظ إن يوماً غدر
فأنا وحيد في في ليالي البرد
حتى الحزن صادقني زماناً
ثم في سأم .. هجر
إني أحبك ..
رغم أن الحب سلطان عظيم
عاش مطرودا
وكم داسته أقدام البشر
إني أحبك ..
فاتركيني الآن في عينيك أغفو
إن خلف الباب أحزان وعمر ينتحر
كل العصافير الجميلة أعدموها
فوق أغصان الشجر
كل الخفافيش الكئيبة
تملأ الشطئآن ..
تعبث فوق أشلاء النهر
***
لا تحزني ...
إن الزمان الراكع المهزوم لن يبقى
ولن تبقى خفافيش الحفر..
فغداً تصيح الأرض .. فالطوفان آت
والبراكين التي سجنت أراها تنفجر..
والصبح هذا الزائر المنفي من وطني
يطل الآن .. يجري .. ينتشر ..
وغداً أحبك مثلما يوم حلمت ...
بدون خوف ...
أو سجون ...
أو مطر ...
لقاء الغرباء
علمتني الأشواق منذ لقائنا
فرأيت في عينيك أحلام العمر
وشدوت لحنا في الوفاء .. لعله
ما زال يؤنسني بأيامِ السهر
وغرست حبك في الفؤاد وكلما
مضت السنين أراه دوما .. يزدهر
وأمام بيتك قد وضعت حقائبي
يوما ودعت المتاعب والسفر
وغفرت للأيامِ كل خطيئة
وغفرت للدنيا .. وسامحت البشر
...
علمتني الأشواق كيف أعيشها
وعرفت كيف تهزني أشواقي
كم داعبت عيناي كل دقيقة
أطياف عمرٍ باسمِ الإشراقِ
كم شدني شوق إليك لعله
ما زال يحرق بالأسى أعماقي
...
أو نلتقي بعد الوفاء .. كأننا
غرباء لم نحفظ عهودا بيننا
يا من وهبتك كل شيء إنني
ما زلت بالعهد المقدسِ .. مؤمنا
فإذا انتهت أيامنا فتذكري
أن الذي يهواك في الدنيا .. أنا
لأنك.. مني
تغيبين عني..
وأمضي مع العمر مثل السحاب
وأرحل في الأفق بين التمني
وأهرب منك السنين الطوال
ويوم أضيع.. ويوم أغني..
أسافر وحدي غريبا غريبا
أتوه بحلمي وأشقى بفني
يولد فينا زمان طريد
يحلف فينا الأسى.. والتجني..
ولو دمرتنا رياح الزمان
فما زال في اللحن نبض المغني
تغيبين عني..
وأعلم أن الذي غاب قلبي
وأني إليك.. لأنك مني
* * *
تغيبين عني..
وأسأل نفسي ترى ما الغياب؟
بعاد المكان.. وطول السفر!
فماذا أقول وقد صرت بعضي
أراك بقلبي.. جميع البشر
وألقاك.. كالنور مأوى الحيارى
وألحان عمر تجيء وترحل
وإن طال فينا خريف الحياة
فما زال فيك ربيع الزهر
* * *
تغيبين عني..
فأشتاق نفسي
وأهفو لقلبي على راحتيك
نتوه.. ونشتاق نغدو حيارى
وما زال بيتي.. في مقلتيك..
ويمضي بي العمر في كل درب
فأنسى همومي على شاطئيك..
وإن مزقتنا دروب الحياة
فما زلت أشعر أني إليك..
أسافر عمري وألقاك يوما
فإني خلقت وقلبي لديك..
* * *
بعيدان نحن ومهما افترقنا
فما زال في راحتيك الأمان
تغيبين عني وكم من قريب..
يغيب وإن كان ملء المكان
فلا البعد يعني غياب الوجوه
ولا الشوق يعرف.. قيد الزمان
بين العمر.. والأماني
إذا دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا
وأحرقنا قصائدنا وأسكتنا أغانينا...
ولم نعرف لنا بيتا من الأحزان يؤوينا
وصار العمر أشلاء ودمر كل مافينا ...
وصار عبيرنا كأسا محطّمة بأيدينا
سيبقى الحب واحَتنا إذا ضاقت ليالينا
إذا دارت بنا الدنيا ولاح الصيف خفاقا
وعاد الشعر عصفورا إلى دنياي مشتاقا...
...
وقال بأننا ذبنا ..مع الأيام أشواقا
وأن هواك في قلبي يضئ العمر إشراقا ...
سيبقى حبنا أبدا برغم البعد عملاقا
وإن دارت بنا الدنيا وأعيتنا مآسيها...
وصرنا كالمنى قصصا مع العشاقِ ترويها
وعشنا نشتهي أملا فنسمعها ..ونرضيها...
فلم تسمع ..ولم ترحم ..وزادت في تجافيها
ولم نعرف لنا وطنا وضاع زماننا فيها...
وأجدب غصن أيكتنا وعاد اليأس يسقيها
عشقنا عطرها نغما فكيف يموت شاديها ؟
وإن دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا ..
وجاء الموت في صمت وكالأنقاض يلقينا ...
وفي غضب سيسألنا على أخطاء ماضينا
فقولي : ذنبنا أنا جعلنا حبنا دينا
سأبحث عنك في زهرٍ ترعرع في مآقينا
وأسأل عنك في غصن سيكبر بين أيدينا
وثغرك سوف يذكرني ..إذا تاهت أغانينا
وعطرك سوف يبعثنا ويحيي عمرنا فينا
![]() |
فاروق جويدة |
تعالي أحبك قبل الرحيل
فما عاد في العمر غير القليل
أتينا الحياة بحلم بريء
فعربد فينا زمان بخيل
* * *
حلمن بأرض تلم الحيارى
وتؤوي الطيور و تسقي النخيل
رأينا الربيع بقايا رماد
ولاحت لنا الشمس ذكرى أصيل
حلما بنهر عشقناه خمرا
رأيناه يوما دماء تسيل
فإن أجدب العمر في راحتيا
فحبك عندي ظلال.. ونيل
وما زلت كالسيف في كبريائي
يكبل حلمي عرين ذليل
ما زلت أعرف أين الأماني
وإن كان درب الأماني طويل
* * *
تعالي ففي العمر حلم عنيد
ما زلت أحلم بالمستحيل
تعالي فما زال في الصبح ضوء
وفي الليل يضحك بدر جميل
أحبك والعمر حلم نقي
أحبك واليأس قيد ثقيل
وتبقين وحدك صبحا بعيني
إذا تاه دربي فأنت الدليل
إذا كنت قد عشت حلمي ضياعا
وبعثرت كالضوء عمري القليل
فإني خلقت بحلم كبير..
وهل بالدموع سنروي الغليل؟
وماذا تبقى على مقلتينا؟
شحوب الليالي وضوء هزيل؟
تعالي لنوقد في الليل نارا
ونصرخ في الصمت في المستحيل
تعالي لننسج حلما جديدا
نسميه للناس حلم الرحيل
مالذي قد مات فينا..
عيناك أرض لا تخون
مضيت أبحث عن عيونك
خلف قضبان الحياة
وتعربد الأحزان في صدري
ضياعا لست أعرف منتهاه
وتذوب في ليل العواصف مهجتي
ويظل ما عندي سجينا في الشفاه
والأرض تخنق صوت أقدامي
فيصرخ جرحها تحت الرمال
وجدائل الأحلام تزحف خلف موج الليل
بحارا تصارعه الجبال
والشوق لؤلؤة تعانق صمت أيامي
ويسقط ضؤها خلف الظلال
عيناك بحر النور يحملني إلى
زمن نقي القلب.. مجنون الخيال
عيناك إبحار وعودة غائب
عيناك توبة عابد
وقفت تصارع وحدها شبح الظلال
ما زال في قلبي سؤال..
كيف انتهت أحلامنا؟
ما زلت أبحث عن عيونك
علني ألقاك فيها بالجواب
ما زلت رغم اليأس أعرفها وتعرفني
وتحمل في جوانحنا عتاب
لو خانت الدنيا وخان الناس
وابتعد الأصحاب
عيناك أرض لا تخون
عيناك إيمان وشك حائر
عيناك نهر من جنون
عيناك أزمان وعمر
ليس مثل الناس شيئا من سراب
عيناك آلهة وعشاق وصبر واغتراب
عيناك بيتي
عندما ضاقت بنا الدنيا وضاق بنا العذاب
* * *
ما زلت أبحث عن عيونك بيننا أمل وليد
أنا شاطئ ألقت عليه جراحها
أنا زورق الحلم البعيد
أنا ليلة حار الزمان بسحرها
عمر الحياة يقاس بالزمن السعيد
ولتسألي عينيك أين بريقها؟
ستقول في ألم توارى.. صار شيئا من جليد
وأظل أبحث عن عيونك خلف قضبان الحياة
ويظل في قلبي سؤال حائر
إن ثار في غضب تحاصره الشفاه
كيف انتهت أحلامنا؟
قد تخنق الأقدار يوما حبنا
وتفرق الأيام قهرا شملنا
أو تعزف الأحزان لحنا
من بقايا.. جرحنا
ويمر عام.. ربما عامان
أزمان تسد طريقنا
ويظل في عينيك موطننا القديم
نلقي عليه متاعب الأسفار في زمن عقيم
عيناك موطننا القديم وإن غدت أيامنا
ليلا يطارد في ضياء
سيظل في عينيك شيء من رجاء
أن يرجع الإنسان إنسانا
يغطي العرى يغسل نفسه يوما ويرجع للنقاء
عيناك موطننا القديم
وإن غدونا كالضياع بلا وطن
فيها عشقت العمر أحزانا وأفراحا
ضياعا أو سكن
عيناك في شعري خلود
يعبر الآفاق.. يعصف بالزمن
عيناك عندي بالزمان
وقد غدوت.. بلا زمن
في عينيك عنواني..
قالت: سوف تنساني
وتنسى أنني يوما
وهبتك نبض وجداني
وتعشق موجة أخرى
وتهجر دفء شطآني
وتجلس مثلما كنا
لتسمع بعض ألحاني
ولا تعنيك أحزاني
ويسقط كالمنى اسمي
وسوف يتوه عنواني
ترى.. ستقول يا عمري
بأنك كنت تهواني؟!
* * *
فقلت: هواك إيماني
ومغفرتي.. وعصياني
أتيتك والمنى عندي
بقايا بين أحضاني
ربيع مات طائره
على أنقاض بستان
رياح الحزن تعصرني
وتسخر بين وجداني
أحبك واحة هدأت
عليها كل أحزاني
أحبك نسمة تروي
لصمت الناس.. ألحاني
أحبك نشوة تسري
وتشعل نار بركاني
أحبك أنت يا أملا
كضوء الصبح يلقاني
أمات الحب عشاقا
وحبك أنت أحياني
ولو خيرت في وطن
لقلت هواك أوطاني
ولو أنساك يا عمري
حنايا القلب.. تنساني
إذا ما ضعت في درب
ففي عينيك.. عنواني
ويضيع العمر
يا رفيق الدرب تاه الدرب منا في الضباب
يا رفيق العمر ضاع العمر و انتحر الشباب
آه من أيامنا الحيرى توارت في التراب
آه من آمالنا الحمقى تلاشت كالسراب
* * *
يا رفيق الدرب ما أقسى الليالي.. عذبتنا
حطمت فينا الأماني.. مزقتنا
ويح أقداري لماذا جمعتنا؟!
ليتها في مطلع الأشواق كانت.. فرقتنا..
* * *
لا تسلني يا رفيقي
كيف تاه الدرب منا
نحن في الدنيا حيارى
إن رضينا.. أو أبينا
حبنا نحياه يوما..
و غدا نجهل أينا!!
* * *
لا تلمني إن جعلت العمر أوتارا تغني
أو أتيت الروض مثل النبع منساب التمني
فأنا بالشعر أحيا كي أغني
هل ترى في العمر شيئا غير أيام قليلة
تتوارى في الليالي مثل أزهار الخميلة؟
لا تكن كالزهر في الطرقات يلقيه البشر
مثلما تلق الليالي عمرنا بين الحفر
فكلانا يا رفيقي من هوايات القدر
* * *
يا رفيق الدرب تاه الدرب مني
رغم هذا سأغني
فأنا بالشعر أحيا كالغدير المطمئن
إنما الشعر حياة و خلود.. و تمني
لأن الشوق معصيتي
لا تذكري الأمس إني عشت أخفيه
إن يغفر القلب جرحى ... من يداويه
* * *
قلبي وعيناك والأيام بينهما
درب طويل تعبنا من مآسيه
* * *
إن يخفق القلب كيف العمر نرجعه
كل الذي مات فينا ... كيف نحييه
* * *
الشوق درب طويل عشت أسلكه
ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه
* * *
جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا
واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه
* * *
مازلت أعرف أن الشوق معصيتي
والعشق والله ذنب لست أخفيه
* * *
قلبي الذي لم يزل طفلا يعاتبني
كيف انقضى العيد ... وانفضت لياليه
* * *
يا فرحة لم تزل كالطيف تسكرني
كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه
* * *
حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا
عدنا إلى الحزن يدمينا ... وندميه
* * *
مازال ثوب المنى بالضوء يخدعني
قد يصبح الكهل طفلا في أمانيه
* * *
أشتاق فى الليل عطرا منك يبعثني
ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه
* * *
ولتسألي الليل هل نامت جوانحه
ما عاد يغفو ودمعي في مآقيه
* * *
يا فارس العشق هل فى الحب مغفرة
حطمت صرح الهوى والآن تبكيه
* * *
الحب كالعمر يسرى فى جوانحنا
حتى إذا ما مضى .. لاشيئ يبقيه
* * *
عاتبت قلبي كثيرا كيف تذكرها
وعمرك الغض بين اليأس تلقيه
* * *
فى كل يوم تعيد الأمس فى ملل
قد يبرأ الجرح ... والتذكار يحييه
* * *
إنْ ترجعى العمر هذا القلب أعرفه
مازال والله نبضا حائرا فيه
* * *
أشتاق ذنبي ففي عينيك مغفرتي
ياذنب عمري .. ويا أنقى لياليه
* * *
ماذا يفيد الأسى أدمنت معصيتي
لا الصفح يجدي .. ولا الغفران أبغيه
* * *
إنى أرى العمر في عينيك مغفرة
قد ضل قلبي فقولي ... كيف أهديه
بالرغم منا .. قد نضيع
قد قال لي يوما أبي
إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب
وغدوت تلعق من ثراها البؤس
في الليل الكئيب
قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب
إن صرت يا ولدي غريبًا في الزحام
أو صارت الدنيا امتهانًا .. في امتهان
أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان
إن ضاقت الدنيا عليك
فخذ همومك في يديك
واذهب إلى قبر الحسين
وهناك صلي ركعتين
( 2 )
كانت حياتي مثل كل العاشقين
والعمر أشواق يداعبها الحنين
كانت هموم أبي تذوب .. بركعتين
كل الذي يبغيه في الدنيا صلاة في الحسين
أو دعوة لله أن يرضى عليه
لكي يرى .. جد الحسين
قد كنت مثل أبي أصلي في المساء
وأظل أقرأ في كتاب الله ألتمس الرجاء
أو أقرأ الكتب القديمة
أشواق ليلى أو رياض .. أبي العلاء
( 3 )
وأتيت يومًا للمدينة كالغريب
ورنين صوت أبي يهز مسامعي
وسط الضباب وفي الزحاِم
يهزني في مضجعي
ومدينتي الحيرى ضباب في ضباب
أحشاؤها حبلى بطفل
غير معروف الهوية
أحزانها كرماد أنثى
ربما كانت ضحية
أنفاسها كالقيد يعصف بالسجين
طرقاتها .. سوداء كالليل الحزين
أشجارها صفراء والدم في شوارعها .. يسيل
كم من دماء الناس
ينزف دون جرح .. أو طبيب
لا شيء فيك مدينتي غير الزحام
أحياؤنا .. سكنوا المقابر
قبل أن يأتي الرحيل
هربوا إلى الموتى أرادوا الصمت .. في دنيا الكلام
... ما أثقل الدنيا
وكل الناس تحيا .. بالكلام
( 4 )
وهناك في درب المدينة ضاع مني .. كل شيء
أضواؤها .. الصفراء كالشبح .. المخيف
جثث من الأحياء نامت فوق أشلاء .. الرصيف
ماتوا يريدون الرغيف
شيخ ( عجوز ) يختفي خلف الضباب
ويدغدغ المسكين شيئًا .. من كلام
قد كان لي مجد وأيام .. عظام
قد كان لي عقل يفجر
في صخور الأرض أنهار الضياء
لم يبق في الدنيا حياء
قد قلت ما عندي فقالوا أنني
المجنون .. بين العقلاء
قالوا بأني قد عصيت الأنبياء
( 5 )
درب المدينة صارخ الألوان
فهنا يمين .. أو يسار قاني
والكل يجلس فوق جسم جريمة
هي نزعة الأخلاق .. في الإنسان
أبتاه .. أيامي هنا تمضي
مع الحزن العميق
.. وأعيش وحدي
قد فقدت القلب والنبض .. الرقيق
درب المدينة يا أبي درب عتيق
تتربع الأحزان في أرجائه
ويموت فيه الحب .. والأمل الغريق
( 6 )
ماذا ستفعل يا أبي
إن جئت يومًا دربنا
أترى ستحيا مثلنا ؟؟
ستموت يا أبتاه حزنًا .. بيننا
وستسمع الأصوات تصرخ .. يا أبي : يا ليتنا ..يا ليتنا .. يا ليتنا
وغدوت بين الدرب ألتمس الهروب
أين المفر؟
والعمر يسرع للغروب
( 7 )
أبتاه .. لا تحزن
فقد مضت السنين
ولم أصلِّ .. في الحسين
لو كنت يا أبتاه مثلي
لعرفت كيف يضيع منا كل شيء
بالرغم منا .. قد نضيع
بالرغم منا .. قد نضيع
من يمنح الغرباءَ دفئًا في الصقيع؟
من يجعل الغصن العقيم
يجيء يومًا .. بالربيع ؟
من ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟
( 8 )
أبتاه
بالأمس عدت إلى الحسين
صليت فيه الركعتين
بقيت همومي مثلما كانت
صارت همومي في المدينة
لا تذوب بركعتين
حبيبتي .. تغيرنا
تغير كل ما فينا..تغيرنا
تغير لون بشرتنا …
تساقط زهر روضتنا
تهاوى سحر ماضينا
تغير كل ما فينا…تغيرنا
*************
زمان كان يسعدنا …نراه الآن يشقينا
وحب عاش في دمنا …تسرب بين أيدينا
وشوق كان يحملنا …فتسكرت أمانينا
ولحن كان يبعثنا …إذا ماتت أغانينا تغيرنا
تغيرنا ….تغير كل ما فينا
*************
وأعجب من حكايتنا …تكسر نبضها فينا
كهوف الصمت تجمعنا …دروب الخوف تلقينا
وصرتِ حبيبتي طيفا لشيئ كان في صدري
قضينا العمر يفرحنا ….وعشنا العمر يبكينا
غدونا بعده موتى ..فمن يا قلب يحيينا ؟؟
وكان حلما
وتبكين حبا .. مضى عنك يوما
وسافر عنك لدنيا المحال ..
لقد كان حلما .. وهل فى الحياة ..
سوى الوهم - يا طفلتى - والخيال ؟
وما العمر بأطهر الناس إلا
سحابة صيف كثيف الظلال
وتبكين حبا .. طواه الخريف
وكل الذى بيننا .. للزوال ..
فمن قال فى العمر شىء يدوم
تذوب الأمانى ويبقى السؤال ..
لماذا أتيت إذا كان حلمى
غداً سوف يصبح .. بعض الرمال ..؟!
أحزان ليلة ممطرة
السقف ينزف فوق رأسي
والجدار يئن من هول المطر
وأنا غريق بين أحزاني تطاردني الشوارع للأزقة .. للحفر !
في الوجه أطياف من الماضي
وفي العينين نامت كل أشباح السهر
والثوب يفضحني وحول يدي قيد لست أذكر عمرهُ
لكنه كل العمر ..
لا شيء في بيتي سوى صمت الليالي
والأماني غائمات في البصر
وهناك في الركن البعيد لفافة
فيها دعاء من أبي
تعويذة من قلب أمي لم يباركها القدر
دعواتها كانت بطول العمر والزمن العنيد المنتصر
أنا ماحزنت على سنين العمر طال العمر عندي .. أم قصر
لكن أحزاني على الوطن الجريح
وصرخة الحلم البريء المنكسر
...
فالماء أغرق غرفتي
وأنا غريب في بلاد الله
أدمنت الشواطيء والمنافي والسفر
كم كنت أبني كل يوم ألف قصر
فوق أوراق الشجر ..
كم كنت أزرع ألف بستان
على وجه القمر ..
كم كنت ألقي فوق موج الريح أجنحتي
وأرحل في أغاريد السحر
منذ انشطرت على جدار الحزن
ضاع القلب مني .. وانشطر ..
ورأيت أشلائي دموعا في عيون الشمس
تسقط بين أحزان النهر
وغدوت أنهاراً من الكلمات
في صمت الليالي .. تنهمر
قد كنت في يوم بريء الوجه
زار الخوف قلبي فانتحر
وحدائقي الخضراء ما عادت تغني
مثلما كانت ...
وصوتي كان في يوم عنيدا وانكسر
****
ولدي من عمري
وذكرى الأمس بعض من صور
فلتنظري صوري فإن الأمس أحيانا
يكون عزاء يوم ... يحتضر
هل تسمحين
بأن ينام على جفونك لحظة
طفل يطارده الخطر..
هل تسمحين
لمن أضاع العمر أسفاراً
بأن يرتاح يوماً ..
بين أحضان الزهر ...
اني لأفزع كلما جاءت
خيول الليل نحوي ..
يحتويني الهم .. يخنقني الضجر
اعتدت أن تعوى كلاب الصيد
في قدمي ... تحاصرني .... وتعبث في عيوني
كلما الجلاد في سفه .. أمر
اني أخاف على ثيابك من ثيابي
كلما أرجوه بعض الأمن ..
.. عطراً ... دندنات من وتر
****
لا تخجلي إن كان عندك بعض أصحاب
وجئت بثوبي العاري ببابك انتظر
لكنه حزن الصقيع ...
ووحشة الغرباء في ليل المطر
فالناس حولي يهرعون
وفي ثيابي نهر ماء
في عيوني بحر دمع
بين أعماقي حجر ..
وأريد صدراً لا يساومني على عمري
ولا يأسى على ماض عبر
فالعري أعرفه
وأعرف أن مثلي
في زمان الرق مطلوب
وأن الحرص لن يجدي
ولن يغني الحذر ...
****
اني سأرحل عندما يأتي قطار قطار الليل
لا تبكي لأجلي....
لا تلومي الحظ إن يوماً غدر
فأنا وحيد في في ليالي البرد
حتى الحزن صادقني زماناً
ثم في سأم .. هجر
إني أحبك ..
رغم أن الحب سلطان عظيم
عاش مطرودا
وكم داسته أقدام البشر
إني أحبك ..
فاتركيني الآن في عينيك أغفو
إن خلف الباب أحزان وعمر ينتحر
كل العصافير الجميلة أعدموها
فوق أغصان الشجر
كل الخفافيش الكئيبة
تملأ الشطئآن ..
تعبث فوق أشلاء النهر
***
لا تحزني ...
إن الزمان الراكع المهزوم لن يبقى
ولن تبقى خفافيش الحفر..
فغداً تصيح الأرض .. فالطوفان آت
والبراكين التي سجنت أراها تنفجر..
والصبح هذا الزائر المنفي من وطني
يطل الآن .. يجري .. ينتشر ..
وغداً أحبك مثلما يوم حلمت ...
بدون خوف ...
أو سجون ...
أو مطر ...
لقاء الغرباء
علمتني الأشواق منذ لقائنا
فرأيت في عينيك أحلام العمر
وشدوت لحنا في الوفاء .. لعله
ما زال يؤنسني بأيامِ السهر
وغرست حبك في الفؤاد وكلما
مضت السنين أراه دوما .. يزدهر
وأمام بيتك قد وضعت حقائبي
يوما ودعت المتاعب والسفر
وغفرت للأيامِ كل خطيئة
وغفرت للدنيا .. وسامحت البشر
...
علمتني الأشواق كيف أعيشها
وعرفت كيف تهزني أشواقي
كم داعبت عيناي كل دقيقة
أطياف عمرٍ باسمِ الإشراقِ
كم شدني شوق إليك لعله
ما زال يحرق بالأسى أعماقي
...
أو نلتقي بعد الوفاء .. كأننا
غرباء لم نحفظ عهودا بيننا
يا من وهبتك كل شيء إنني
ما زلت بالعهد المقدسِ .. مؤمنا
فإذا انتهت أيامنا فتذكري
أن الذي يهواك في الدنيا .. أنا
لأنك.. مني
تغيبين عني..
وأمضي مع العمر مثل السحاب
وأرحل في الأفق بين التمني
وأهرب منك السنين الطوال
ويوم أضيع.. ويوم أغني..
أسافر وحدي غريبا غريبا
أتوه بحلمي وأشقى بفني
يولد فينا زمان طريد
يحلف فينا الأسى.. والتجني..
ولو دمرتنا رياح الزمان
فما زال في اللحن نبض المغني
تغيبين عني..
وأعلم أن الذي غاب قلبي
وأني إليك.. لأنك مني
* * *
تغيبين عني..
وأسأل نفسي ترى ما الغياب؟
بعاد المكان.. وطول السفر!
فماذا أقول وقد صرت بعضي
أراك بقلبي.. جميع البشر
وألقاك.. كالنور مأوى الحيارى
وألحان عمر تجيء وترحل
وإن طال فينا خريف الحياة
فما زال فيك ربيع الزهر
* * *
تغيبين عني..
فأشتاق نفسي
وأهفو لقلبي على راحتيك
نتوه.. ونشتاق نغدو حيارى
وما زال بيتي.. في مقلتيك..
ويمضي بي العمر في كل درب
فأنسى همومي على شاطئيك..
وإن مزقتنا دروب الحياة
فما زلت أشعر أني إليك..
أسافر عمري وألقاك يوما
فإني خلقت وقلبي لديك..
* * *
بعيدان نحن ومهما افترقنا
فما زال في راحتيك الأمان
تغيبين عني وكم من قريب..
يغيب وإن كان ملء المكان
فلا البعد يعني غياب الوجوه
ولا الشوق يعرف.. قيد الزمان
بين العمر.. والأماني
إذا دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا
وأحرقنا قصائدنا وأسكتنا أغانينا...
ولم نعرف لنا بيتا من الأحزان يؤوينا
وصار العمر أشلاء ودمر كل مافينا ...
وصار عبيرنا كأسا محطّمة بأيدينا
سيبقى الحب واحَتنا إذا ضاقت ليالينا
إذا دارت بنا الدنيا ولاح الصيف خفاقا
وعاد الشعر عصفورا إلى دنياي مشتاقا...
...
وقال بأننا ذبنا ..مع الأيام أشواقا
وأن هواك في قلبي يضئ العمر إشراقا ...
سيبقى حبنا أبدا برغم البعد عملاقا
وإن دارت بنا الدنيا وأعيتنا مآسيها...
وصرنا كالمنى قصصا مع العشاقِ ترويها
وعشنا نشتهي أملا فنسمعها ..ونرضيها...
فلم تسمع ..ولم ترحم ..وزادت في تجافيها
ولم نعرف لنا وطنا وضاع زماننا فيها...
وأجدب غصن أيكتنا وعاد اليأس يسقيها
عشقنا عطرها نغما فكيف يموت شاديها ؟
وإن دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا ..
وجاء الموت في صمت وكالأنقاض يلقينا ...
وفي غضب سيسألنا على أخطاء ماضينا
فقولي : ذنبنا أنا جعلنا حبنا دينا
سأبحث عنك في زهرٍ ترعرع في مآقينا
وأسأل عنك في غصن سيكبر بين أيدينا
وثغرك سوف يذكرني ..إذا تاهت أغانينا
وعطرك سوف يبعثنا ويحيي عمرنا فينا